الاثنين، 18 يناير 2016

تقسيمات الفعل(2)

تقسيمات الفعل(2)
ينقسم الفعل من حيث التّجريد و الزّيادة إلى قسمين: مجرد و مزيد(1).
فالمجرد: ما كانت حروفه كلّها أصلية(2)، لا يسقط منها حرف في تصاريف الكلمة إلاّ بعلة تصريفية(3). نحو: جلسَ و كتبَ.
و المزيد: ما زيد على حروفه الأصلية حرفٌ أو أكثر مما يَسقط في بعض تصاريف الكلمة لغير علة تصريفية. نحو: كاتبَ، أجلسَ.
الفعل المجرد: أبنيته و أوزانه
و المجرد قسمان: ثلاثي و رباعي.
القسم الأول: المجرد الثّلاثـي
أبنيته و أبوابه:
المجرد الثّلاثي، يتكون من ثلاثة أحرف(4).
و لماضيه – بالنّظر إليه منفردًا - ثلاثةُ أبنية بحسب حركة العين. و هي: فعَل، فعِل، فعُل.
و للماضي مع المضارع ستة أبوابٍ، بحسب حركة العين فيهما(5):
أ- فعَل(6)، و هو مع مضارعه ثلاثة أبواب:
- فعَل يفعَل(7)، نحو: ذهَب يذهَبُ.
- فعَل يفعِل، نحو: ضرَب يضرِب.
- فعَل يفعُل، نحو: نصَر ينصُر.
ب- فعِل(8)، و له مع مضارعه بابان فقط:
- فعِل يفعَل(9)، نحو: فرِح يفرَح.
- فعِل يفعِل(10)، نحو: حسِب يحسِب.
ج- فعُل، و له مع مضارعه باب واحد فقط:
- فعُل يفعُل(11)، نحو: شرُف يشرُف.
و إليك ترتيبَ هذه الأبواب السّتة بحسب الكثرة:
1- فعَل يفعُل (بفتح فضم)، و يُدعى: بابَ "نصَر".
2- فعَل يفعِل (بفتح فكسر). و يُدعى: بابَ "ضرَب".
3- فعَل يفعَل (بالفتح فيهما)، و يُدعى: بابَ "ذهَب".
4- فعِل يفعَل (بكسر ففتح)، و يُدعى: بابَ "فرِح".
5- فعُل يفعُل (بالضم فيهما)، و يُدعى: بابَ "شرُف".
6- فعِل يفعِل (بالكسر فيهما)، و يُدعى: بابَ "حسِب".

القسم الثّاني: المجرد الرّباعي
و يتكون من أربعة أحرف، و له بناءٌ واحد فقط، هو:
- فعْلَل(12) نحو: زلْزل، دحْرج و زخْرف.
ومنه أفعالٌ نحتتْها العرب من مركبات. نحوُ:
بسمل: أي قال: بسم الله.
وحوقل: أي قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وحسبل: أي قال: حسبُنا الله.

ملحقات الرّباعي المجرد
و للرّباعي ملحقاتٌ(13) سبعة، و هي:
1- فعلل، نحو: جلببه: أي ألبسه الجلباب.
2- فوْعل، نحو: جوربه: أي ألبسه الجورب.
3- فعوَل، نحو: رهوَك في مشيه: أي أسرع.
4- فيْعل، نحو: بيْطر: أي أصلح الدّوابَّ.
5- فعيَل، نحو: شريَف الزّرعَ: أي قطع شِريافَه، و هو ورقُ الزّرع إذا كثُر وخِيف فسادُ الزّرع.
6- فعلَى، نحو: سلقَى: أي استلقى على ظهره.
7- فعنَل، نحو: قلنَس: أي ألبسه القلنسوة.
المصادر و المراجع
- الممتع في التّصريف، ابن عصفور الإشبيلي.
- شروح شافية ابن الحاجب، الأستراباذي و البغدادي و اليزدي.
- شذا العرف في فن الصّرف، الشّيخ أحمد الحملاوي.
- دروس التّصريف، الشّيخ محمد محيي الدّين عبد الحميد.
- الصّرف الكافي، أيمن أمين عبد الغني.
- وشاح الحرة بإبراز اللامية و توشيحها من أصداف الطّرة، الشّيخ محمد محفوظ الشّنقيطي.
الحواشــي:
(1) يُعبر بعضهم عنهما بقوله: "مجردٌ من الزّيادة، و مزيدٌ فيه". و هو التّعبير الأفصح. لكن اقتُصِر على اسمي المفعول دون متعلـَّقيْهما اختصارا، لكثرة الاستعمال.
(2) الحرف الأصلي هو ما يَثبت في جميع تصاريف الكلمة و لا يسقط إلاّ لعلة تصريفية، مثل الجيم و اللام و السّين من "جلس". و مثالُ الحرف الأصلي الّذي يسقط لعلة تصريفية: الواوُ من "وعَد" في المضارع و الأمرِ (يعِدُ، عِدْ).
أمّا الحرف الزّائد فهو ما أضيفَ إلى الكلمة لغرض ما، و يَسقط في بعض تصاريفها دون علة تصريفية، نحوُ الألف في "جالسٌ" فقد أضيفتْ لغرض الدّلالة على اسم الفاعل.
(3) يحذف حرف العلة الأصلي بداعي التّخفيف (كحذف فاء المثال في المضارع و الأمر: يَقف، قِفْ)، أو التّخلص من التّقاء السّاكنين (كحذف عين الأجوف المسند إلى ضمير رفع متحرك: قمتُ، يَقمْن)، و هو ما يُدعى (الإعلال بالحذف).
(4) أولُه مفتوح دائما، و آخرُه مبني على الفتح لفظا أو تقديرا، و وسَطُه هو المتغيرُ. فتبويبُه تابعٌ لحركة عينه فتحًا و ضمًّا و كسرًا.
(5) سقطتْ ثلاثة أبواب من القسمة العقلية، وهي: فعِل يفعُل (بكسر فضم)، و فعُل يفعَل (بضم ففتح)، و فعُل يفعِل (بضم فكسر)، و هذه الثّلاثة ممتنعة.
(6) حاول الصّرفيون جمعَ المعاني الّتي يدل عليها بناءُ "فعَل" المفتوح العين بأبوابه الثّلاثة، و أهمُّها (الجمع و التّفريق، الإعطاء، المنع، الامتناع، الإيذاء، الغلبة، الدّفع، التّحويل، التّحوُّل، الاستقرار، السّيْر، السَّتْر، التّجريد، الرّمي، الإصلاح و التّصويت).
و يَنوبُ عن بناء "فعُل" المضمومِ العين في المضعف و اليائي العين مما دل على المعاني اللازمة. نحو: عزَّ و شحَّ (في المضعف). طاب و لان (في الأجوف اليائي).
كما يُصاغ من أسماء الأعيان الثّلاثية للدّلالة على معانٍ متعلقة بها. و منها:
- الإصابةُ: (رأَسَه و بطـَنه: أي أصاب رأْسه و بطْنَه).
- و الإنالة: (نحو: تَمَره و لبَنه: أي أطعمَه تمرًا و سقاه لبنًا).
- و الأخذُ: (ثلَثَ المالَ: أي أخذ ثلثَه).
- و الاتخاذُ: (جدَر: أي اتخذَ جدارًا).
- و العملُ بها: (رمَحه و سهَمه: أي ضربه بالرّمح و السّهم).
(7) ولا يجيءُ إلا حَلقيَّ العين أو اللام. و حروف الحلق هي: الهمزة، الحاء، الخاء، العين، الغين و الهاء)، و ما جاء منه خلاف ذلك فهو شاذ. نحو: أبى يأبى.
(8) و تغلبُ صياغته للمعاني الدّالة على الأعراض: (مرِض، فرِح، حزِنو الخلو و الامتلاء: (شبِع، عطِش، روِيو الحلى و العيوب و الألوان: (شنِب، عمِي، حمِرو كِبَر الأعضاء: (كبِد: كبُرتْ كبِدُه، جبِه: عظمتْ جبهتُه).
كما يَكثر مجيئُه لمطاوعة فعَل المتعدي لواحد، نحو: جدعتُه فجَدِع. قال الحسن بن زين الشّنقيطي في توشيحه للامية ابن مالك:
و جاء ثالثُها مطاوعًا، و يجي = مُغن لزوما و نقلا عن بنا "فعُلا"
و الطبعُ و اللونُ و الأعراضُ جاءَ لها = وللجسامةِ و التّقصيرُ فيه علا.
و المراد بالإغناء اللزّومي: أنّه يُغني عن بناء "فعُل" لزومًا في ما هو يائي اللام، نحوُ: حيِي، عيِي. لأنّ "فعُل" لا تُبنى مما هو يائي اللام، و لم يجئ من ذلك إلّا فعلٌ واحد شاذٌّ هو "نَهُوَ"، و أصله "نهُيَ"، قُلبت الياءُ واوًا لوقوعها لامَ فعل بعدَ ضم.
و المراد بالإغناء النّقلي: نيابتُه عن بناء "فعُل" سماعًا لا لزومًا، سواءٌ في صحيح اللام نحوُ: سمِن، أو معتلها بالواو نحو: قوِي (أصلها: "قوِوَ"، قلبت الواو المتطرفة ياء لتطرفها بعد كسرة).
و المراد بقوله: "و التّقصير فيه علا" أنّ اللزومَ في بناءِ "فعِلَ" أغلبُ من التّعدي.
(9) و هو كثير في المعلِّ، قليل في الصّحيح.
(10) و لم يرد منه مما يجب فيه الكسر في الماضي و المضارع إلا ثلاثةَ عشرَ فعلا، و هي: (وثِق، وجِد عليه: غضب، ورِث، ورِع، ورِك: اضطجع، ورِم، وري المخ: اكتنز، وعِق عليه: عجل، وفِق أمرَه: صادفه موافقًا و قِه له: سمع و كِم: اغتمَّ، لِي و مِق: أحبَّ).
و ورد فيه أحد عشر فعلا يجوز في مضارعها الكسر و الفتح، و هي: ( بئِس يبئِس و يبأَسُ، حسِب يحسِب و يحسَب، و بِق يبِق و يوْبَق، و حِمت تحِم و توْحَم، و حِر يحِر و يوْحَر، وغِر يغِر و يوْغَر، و لِغ يلِغ و يوْلَغ، و لِه يلِه و يوْلَه، و هِل يهِل و يوْهَل، يئِس ييئِس و ييأَس، يبِس ييبِس و ييبَس).
(11) ولا يكون إلّا لازمًا، و ما سُمع منه متعديا فعلى التّوسع و الإشراب، نحو: رحُبتك الدّار، أي: وسِعتك.
و لا يأتي إلّا في أفعال الغرائز و الطّبائع، أو ما أشبهها من الأفعال المكتسبة الملازمة نحو: أدُب، صلُب و فصُح.
يقول الحسن بن زين الشّنقيطي في توشيحه للامية ابن مالك:
و هْو لمعنى عليه مَن يَقوم به = مجبولٌ اَوْ كالّذي عليه قد جُبِلا.
و معناه: أنّ هذا البناء يأتي للمعاني الجِبِلِّيَّة نحو: جبُن و طال. و المعاني الملازمةِ الّتي صارت كالجِبِلِّيَّة نحو:شعُر و فصُح، لمن صار هذان له كالطّبع.
و يُصاغ هذا البناء من جميع الأبوابِ للتّعجب، فيخرجُ عن معنى الحدث. نحو: "ضرُب فلانٌ"، للتّعجب من ضربه.

تنبيهان:
1- لم يأت من المضعف على بناءِ "فعُل" إلّا فعل واحد، هو: لبُبَ يلَبُّ فهو لبيب. و قد نظمه أحدهم بقوله:
و لم يجئ مضمومَ عيْنٍ في الوسَطْ = مضاعَف فيما عدا "لبُبْ" فقطْ.
2- و كذلك لم يُسمع في هذا البناء يائيُّ العين إلّا في كلمة واحدة، و هي:"هيُؤَ"، و لا يائيُّ اللام إلّا في كلمة واحدة، و هي:"نهُوَ"، ونظمهما بعضُهم بقوله:
فعُلتُ بضم العيْنِ لم يأتِ عينُه = ولا لامُه ياءً سِوى "هيُؤتْ" "نَهُو"
(12) و يُصاغ هذا البناءُ"فعلل"من أسماء الأعيان للدّلالة على معان متعلقة بها. و هي:
- اتخاذُها و صنعها، نحو: قرمطت الكتابَ: أي صنعت له قِمَطْرًا، و هو وعاءُ الكتب.
- تشبيهُ المفعول بها، نحو: عقربتْ صدغَها: أي جعلتْه ملتويا كالعقرب.
- جعلُها في المفعول به، نحو: زعفرتُ الثّوب: أي صبغتُه بالزّعفران، و نحو: فلفلتُ الطّعام: أي جعلتُ فيه فلفلا.
- إصابتُها، نحو: عرقبتُه: أي أصبته في عُرقوبه.
- جعلُها آلة للفعل، نحو: عثكلتُه و عرجنتُه: أي ضربته بالعِثكال و العُرجُون.
- ظهورُها في الفاعل، نحو: عسلجَت الشّجرة و برعمَتْ: أي ظهرت عساليجُها و براعمُها.
كما يصاغ من المركبات لاختصارها، و الدّلالة على حكايتها. نحو: بسمل و حسبل. و هذه الصّياغة تدعى بالنّحت، و يشترط فيه الأخذ من كلّ الكلمات و المحافظة على التّرتيب.
(13) الإلحاق: أن تزيدَ في البناء زيادة لتُلحقَه ببناء آخر أكثرَ منه، فيتصرفَ تصرفَه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق