الجمعة، 28 مارس 2014

يا معشر الرجال رفقا بالقوارير


يا معشر الرجال رفقا بالقوارير

المرأة بأبسط حد لها هي نصف المجتمع ، وهي التي تشرف على تربية النصف الآخر ، ان صلحت صلح بصلاحها الجيل ، وأن فسدت فسد بفسادها المجتمع، كرمها الاسلام كما لم يكرمها أحد في الدنيا ، وجعل المعاملة معها دين وظلمها سبب كاف لعذاب الله والنار، وأعلى منزلتها ليجعل الجنة تحت قدمها ، واعظم حقها ليثبت للناس انسانيتها وحقوقها وأهميتها ، في الوقت الذي كانت فيه بعض الأمم الأخرى ترثها كما يورث المتاع ، وتأدها وهي حية ، ومنهم من عقد المؤتمرات ليناقش هل هي انسان أم لا ، وآخرون كانوا يستعبدونها بصور ما عرف التاريخ أفظع منها ، وما خسرت الانسانية ما خسرت من التربية والأخلاق والدين إلا عندما اهملت جانب المرأة ودورها في المجتمع .واذا كان بعض الناس قديما يدفنونها وهي حية ليتخلصوا من العار وهمّ الرزق ، فإن الكثرة الكاثرة من الأمة اليوم يدفنها وهي حية ويأدها وأدا لا يقل عن وأدها من قبل . فقد عانت من السبي والوأد والاستغلال وحرمانها من الميراث والحقوق والابتذال والاسفاف ، ولكننا وبعد ان منّ الله علينا بالدين والعلم لم يعد بمقدورنا ان نعذرهم بل ان نبالغ في لومهم . وبيان ذلك في ان المرأة عبارة عن عقل وجسد وروح ، وعلى قدر توافق هذه الثلاثة وتوافر متطلباتها تكون السعادة والهناءة في الحياة ، وعلى قدر تباينها وفقد مقوماتها يكون الشقاء والهم واذا تأملنا في أمر الجسد رأينا ان كثيرا من الناس يرى قيمتها من قيمة جسدها ، وهي التي خلقت ضعيفة رقيقة ، لا تساوي الرجل من حيث القدرة ، فكان لزاما علينا ان لا نحملها الا ما يتناسب مع طاقتها من أعمال وهي التي تمر بالطمث والحمل وتبدل الهرمونات ، فتراها تعمل في البيت وخارجه ، ثم يطلب منها ان تقوم بواجب البيت على اتم وجه ، وتكلف ما لا تطاق ولا يقدر الرجل على تحمل بعضه ، فهي المسؤولة عن الطعام والشراب وأعمال المنزل بكل تفاصيلها وتربية الاولاد وتعليمهم والسهر على راحتهم وغير ذلك من الواجبات ، ثم تلام عند التقصير وينكر عليها اشد النكير ، ولو كلف هذا الرجل ان يقوم مكانها لا عجزه بعضه فضلا عن كله ، وقد أمرنا ديننا ان لا نكلف نفسا الا وسعها ، وأنا اذا كلفناها ان نعينها ، فيفنى جسدها وهي تقوم بالخدمة وترهق أشد الارهاق ما يجعلها في بعض حالاتها تتمنى أنها لو وئدت واستراحت من هذا العناء .والسلطة الأبوية أو الزوجية في الغالب إذ تعنى بأمرها فهم انما ينشؤون في المرأة جسدها وهو غايتهم منها ، ويعتنون بها من حيث المأكل والمشرب لتكون خادمة لا زوجة ، وأمة لا حرة ، ومتعة لا أكثر يتمتعون بها ويقضون شهواتهم ، فهم طلاب جسد لا طلاب امرأة ، حتى اذا مرت الايام وضعف الجسد او مرض وفني رايتهم يبحثون عن اخرى دون مراعاة لها في حقوقها ، ويرمونها خلف ظهورهم غير مكترثين بها . وآخرون جعلوا منها سلعة تباع وتشترى ، أو بضاعة يتم مقايضتها على مصلحة دنيوية ، او وسيلة لبلوغ غاية او منصب ، او سفر الى بلد آخر ، وآخرون جعلوا من جسدها صورة كمالية يكملون بها مجالسهم أو متاجرهم كنوع من الاثاث اللازم لا أكثر .ثم يأتي جانب العقل فنرى التعدي فيه لا يقل عن الظلم لجانب الجسد فتحرم من التعليم مطلقا ، أو منه الا ما يقيم خطها وقراءتها ، متعذرين بانها عورة لا ينبغي ان تخالط الرجال وان تخرج من بيتها ، وبأن مآلها بيتها وأولادها فما فائدة العلم لها ، وهم اذا اردوا علاج نساءهم بحثوا عن المرأة الطبيبة خشية العار ، ويعولون عليها في تعليم ابناءهم وتربيتهم التربية الصالحة ، وما أدرى هؤلاء الناس أن فاقد الشيء لا يعطيه . وما ادري من منحكم الحق بالتعليم دونها .

ونحن اذ ندعو الى تعليم المرأة واطلاق يدها انما ندعوا الى بناء أمة كاملة ، دون اسفاف او تبرج ودون ابتذال او معصية والامة قادرة ان ارادت على ذلك على توفير ذلك، لا ان نطلقها كما فعل الغرب بلا ضوابط فزادوا في امتهانها واذلالها ، فتجد ان كثيرات من النساء عندهن ضعف في الادراك والثقافة والعلم والأخلاق والروح ، ما لو توفر لها مقوماته لفاقت الرجال في كثير من المجالات .ولو تأملت جانب الروح لهان عليك ما سواه ولعل ألم العقل والجسد أقل نكاية من ألم الروح والنفس ، والله وحده يعلم كم تعاني النساء من هذا الجانب مع ازواجهن ، فالمرأة خلقت وعاطفتها أغلب من عقلها ، فهي مجبولة على العاطفة والرحمة والاحساس والرقة والدعة ، مجبولة في طبيعتها على الافتتان بالجمال والكلمة الطيبة ، تضحكها كلمة وتبكيها اخرى ، والناس عنها غافلون ، فيرى بعض الرجال ان قوامته تحتم له اهانتها واحتقارها وتسفيه رايها واذلالها ومصادرة آرائها وميولتها والتحكم بقراراتها ، ومن يجب ان تحب وتبغض وتخاطب وتقاطع وتصل وتهجر ، اشبه ما يكون بغسيل تام للشخصية ومسح لكل معالم الروح ، دون مراعاة لما تحب وتكره ، مما جعل العديد من النساء في مجتمعاتنا منزوعة الارادة ضعيفة الحيلة خائفة مترقبة تخشى كل شيء حولها لا ثقة لها بنفسها، مهزومة الشخصية، ضعيفة الروح ، ضئيلة الأمل ، تعيش فقط لتعيش وتكون أسرة ، متخلية عن عواطفها ومشاعرها ورغباتها وميولتها وكل هذا خشية ان لا تجد من يتكرم بالزواج منها أو توصف بالمطلقة في مجتمع يظلم المرأة المطلقة ظلما بينا ، وتتحمل من الظلم ما لا يتحمله احد ، فتعيش جسدا بلا روح وعقل ، ويبالغ البعض في هجرها وقلة الاهتمام بها من كل النواحي والسفر دون اذنها وأخذ القرار عنها والتحكم بمالها ، وكأنها خادمة من الدرجة الثالثة لم تخلق الا للامتهان والاذلال ، فلا تأخذ الا بقد ما تعطي ، ولا تكرم الا بقدر ما تكرم . لذا ترى انها يطربها مشهد العاطفة ، ويثيرها مظهر الاهتمام ، وتبكيها قصص الحب ، وتؤثر فيها مشاهد الحنان والعطف والرعاية ، فهي ان لم تكن فقدت العاطفة فقد اصيبت بجفاف في العاطفة وتحولت إلى آلة لا أكثر كأي آلة في الوجود ، تعطي لتأخذ . فكيف بنا وقد وأدنا الجسد والروح والعقل وئدا لا يقل عن دفنها وهي حية فالدفن تغييب الجسد والروح والعقل تحت التراب جملة واحدة ، ونحن نغيب العقل والروح والجسد الا بقايا منه ننتفع منها لتكون لنا لا علينا . فالمرأة عندنا حية ميتة ، وهل الحياة الا ان تمتلك زمام عقلها وقلبها وجسدها فتوائم بينهم وتطمئن وتسعد . لقد تطور كل شيء في الدنيا وتقدم الا ان نظرتنا الى المرأة ظلت هي هي جاهلية صرفة ، لا تنتمي الى الحق والفضيلة والدين في كثير من شؤونها . وتحت أي مسمى نضع القيود والأغلال عليها دون مبرر لهذه القيود الا ارضاء انفسنا وهي لم تتجاوز حد الصواب ، ومن الذي يأمرنا بان نقيد حريتها ورأيها وعقلها وقلبها وعاطفتها دون أسباب تدعونا لذلك . فلنا ان نحب أو نكره من نشاء وليس لها ذلك ، ولنا ان نفعل كل ما نريد وليس لها ان تفعل الا ما نريد ولنا الحق بالعلم دونها . وما ادرى ما ترجوا أمة من امرأة فقدت قوامة العقل ، وقدرة الجسد ورقة الروح ، وان ملكت الأخلاق والتربية ، وعرفت أصول الخدمة والرعاية ، واي نتاج ننتظره في أبنائنا ، وما هي بارض صالحة للزراعة فهي لن تنبت نتاجا يعول عليه . وما ادري أي عدة تعدونها ايها الرجال لمستقبلكم وقد دارت عليكم الايام وانقلب بكم الزمان وانتم ظالمون لها فأعنوها على بركم والاحسان اليكم اذ ليس من الصواب ان لا نرحمها ونبرها ثم نطالبها ان تكون راحمة بارة بنا . وتمر الأيام على المرأة فتتمنى انها لو وئدت واستراحت من هذا العناء ، ولعلي سألت عددا من النساء عن تمني الموت في لحظات من حياتهم فكان جوابهن نعم لنريح ونستريح .وتنشأ لديها حالة من الانعكاس الخارجي فتصير أكثر عدوانية لمن هم دونها ، وتتحلى بالكراهية والحقد والحسد وأمراض السلوك ، وتظلم أو تخون ، أو تكيد وتمكر كنوع من التعويض عما فاتها وسلب منها . فيا معشر الرجال رفقا بالقوارير وأطيعوا الله فيهم ، وانتبهوا ان المرأة ليست سلعة مجردة ولا جسدا ماديا فحسب ،وان لها ما لكم وعليها ما عليكم ، انما هي عقل وقلب وروح وفساد أحدهما كفساد العجلة للمركبة لا تستطيع متابعة الطريق واذا فسد الجسد فسدت الروح والعكس أيضا ، والعقل زينة لهما وبغير العقل يفسد الجسد والروح فهم ثلاثة لا معنى للإنسان الا بهم ، وانكم بقدر عنايتكم بهذه الجوانب تسعدون انفسكم فضلا عن اسعاد غيركم ، فأنتم الأحق بهذا الفضل والمعروف ، وما تزرعونه انتم له آكلون . ولا يتصور أحدكم ان يجني ثمارا طيبة من شجرة خبيثة ، فاهتموا ببناتكم جسدا وعقلا وروحا . فمن حق المرأة ان تتعلم ، وأن تبني عقلها ، ومن حقها ان تشارك الرجال في أعمالهم بالضوابط الشرعية ، ومن حقها ان يكون لها رأي وارادة وملك واستقلال ، ومن حقها ان تختار ما تريد ، ولها ان تختار زوجها ومن تحب وترضى وليس لاحد اجبارها على من تكره ، واياكم ان تفهموا القوامة بفهم الجاهلين فهي لا تعني أكثر من المشاركة في الرأي وبذل النصيحة ، ولا تستغلوا امر الله لها بالطاعة لتحولوا انفسكم لأرباب لا تعصى ولا تناقش ، فهذا بغي لا ترضونه لأنفسكم ولا لبناتكم فكيف ترضونه لغيركم . وتذكروا وصايا الاسلام في ذلك الذي لم تبلغ أي تشريعات في العصر الحديث والقديم ما بلغه من اعطائها لحقوقها واكرامها ورفعتها .








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق