الأمهات العازبات
مسؤولات أم ضحايا ؟
لعنة المجتمع تواجه الأمهات العازبات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعنة المجتمع تواجه الأمهات العازبات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تشكّل ظاهرة الأمهات العازبات التابو الذي لا ينبغي مناقشته داخل المجتمع الجزائري والإسلامي، فالحمل دون زواج موسوم بالعار والفضيحة، لأنه يتنافى مع ما يوصينا به ديننا الحنيف ومبادئنا. لهذا فإن المصير المؤكد للأم العازبة هو التهميش والإقصاء من المجتمع. والظاهرة ناتجة عن ظروف اقتصادية واجتماعية قاهرة، ترتبط بالفقر والجهل والتفكك الأسري وانعدام التواصل بين الأولياء والأبناء. قد تكون تسمية الأمهات العازبات محاولة لإخفاء محنة فئة اجتماعية خضعت لظروف معينة، والأصل أن التسميات الحقيقية والمتداولة على ألسنة الناس هي "أم ساقطة" أو "أم عاهرة".. وغير ذلك من الألفاظ التي تدخل كسهم مسموم في قلب هذه الأم العازبة، التي ربما جار الزمان عليها وسقطت في أحضان رجل بلا ضمير لعب بعقلها وأسكرها بكلام معسول، وأغواها بوعود الزواج الكاذبة فاستسلمت لشهوته الحيوانية، وخسرت الثمين من جسدها ولطّخت شرفها وشرف عائلتها، وفتحت باب الآلام والمعاناة، حتى الدهر لا يستطيع إغلاقها، وتحوّلت حياتها من عشق وهوى إلى حزن وأسى.كما نجد فتيات في عمر الزهور أصبحن أمهات في وقت مبكر، تخلى عنهن الأب والحبيب والمجتمع، تحت مبدأ بنات هوى. فكيف لطفلة تحمّل مسؤولية طفل؟ وكيف لعازبة تحمّل مسؤولية تربية جيل قادم؟ لكن السؤال الذي يبقي الأذهان حائرة هو أن الفعل الحرام الذي اشترك في ممارسته شخصان كيف يتحمّل عواقبه طرف واحد في غالب الأحيان، يعني المرأة؟ لماذا يتهرّب الرجل من مواجهة الواقع وتحمّل مسؤوليته تجاه المرأة ويعطي اسمه لابنه؟ يا ترى لو كان الرجل هو الذي يحمل الجنين ويتبيّن عليه أعراض الحمل بانتفاخ بطنه، هل كان سيواجه نفس مصير المرأة من الذل والإهانة؟ فهناك ضحايا لا ذنب لهن، ولا حول ولا قوة لهن، بل نزلت المصيبة على رؤوسهن كالصاعقة، والسبب تعرّضهن للاغتصاب، فمنهن من كانت تنتظر الحافلة بعد خروجها من العمل واغتصبت من طرف شاب أو مجموعة من الشباب، ومنهن من سرق شرفها بالقوة أحد جيرانها أو أحد أقربائها، دون أن ننسى زنا المحارم، وخاصة العشرية السوداء التي عصفت ببلادنا. فبغض النظر عن المجازر والخسائر المادية والبشرية تركت وراءها فتيات يتخبطن في صراع مع أنفسهن لنسيان الصدمة وتحمّل مسؤولية طفل. فكيف يفسّر المجتمع الجزائري هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدّد أخلاق الأمة و مصيرها؟ فبغض النظر كيف حدث ذلك ومتى والبحث عن الأسباب، ألا تعتبر هذه البنت إنسانة ضعيفة تحتاج إلى الدعم والسند والأخذ بيدها، ألا تحتاج إلى إعادة رشدها من جديد وإصلاح حالها؟ فهي في الأول والآخر قد استُغلت من أوجه وطرق مختلفة. هناك حالات كثيرة ... هناك من أخبرت صديقها بأنها حامل منه فهدّدها بالقتل ما أن تشعر الأم بحركة في أحشائها تستوعب خطورة ما ينتظرها من مأساة فتفر بجلدها من بيت أبيها تاركة دراستها أو عملها لتجد نفسها في الشارع فريسة لذئاب أخرى أو تتنقل من بيت لآخر، وهناك من تركها صديقها الذي يكبرها بـ14 سنة بعدما قالت له إنها حامل منه ويجب الزواج في أقرب وقت، فردة فعله كانت إخبار والدها بأنه غير مسؤول، وهدّدها بالقتل إذا أخبرت عائلته، فكان الهروب من البيت هو حلها الوحيد. وبعد 9 أشهر من التنقّل من بيت إلى آخر، والعمل كمنظّفة في البيوت لجمع المال لتوفير أدنى الطلبات و المعاملة اللاإنسانية التي يتعاملن بها من طرف طاقم الممرضات والأطباء في المستشفى ، فبمجرد معرفة أنها أم عزباء بدأت نظرات الاحتقار والتعامل معهن بلا رحمة ولا شفقة في الوقت المخاض، الذي من المفروض أن تجد فيهن الحنان والاطمئنان. وهناك بعض القابلات يشتمن و يضربن البنات العازبات، كما يعرضن عليهن مبالغ مالية مغرية مقابل بيع أبنائهن غير الشرعيين. فمصيرهن كان التخلي عن ابنائهم وتركهم في دار الأيتام واتّباع طريق الملاهي والليالي الحمراء. وهناك من اغتصبها جارها وتبرّأ منها أهلها.. ولم تجد غير الشارع ملجأ .. فهذه بعض الحالات من الأمهات اللواتي أصبحت حياتهن جحيما، سواء كانت البنت مسؤولة عن فعلتها أم لا5000 . أم عازبة.. و4000 طفل غير شرعي في الجزائر كل عام كما أظهرت دراسة في فرنسا أن كل 4 ساعات تحدث حالة اغتصاب للنساء. وفي جنوب إفريقيا الأمر أخطر كل 30 ثانية هناك حالة اغتصاب للنساء. أما في الجزائر، حسب الدراسة نفسها، يوجد حوالي 5000 أم عازبة كل عام، و2000 أم عازبة تم الاعتداء عليهن، وحوالي 4000 طفل غير شرعي تتكفل بهم الدولة على مستوى 36 مركزا. وكل هذه الشرائح تعيش الإهمال الاجتماعي، فرغم الوعود التي طرحها الوزير السابق للتضامن الوطني والأسرة والجالية الوطنية بالخارج، عن مشروع قانون جديد متعلّق بالأمهات العازبات والذي يسمح بالاعتراف بالطفل دون إجبارهن على الزواج، مع إعطاء اسم العائلة للطفل، والتكفل بهذه الفئة المهمشة إلا أن المشاكل بقيت نفسها، باستثناء تطبيق قانون يُجبر الأب والأمهات العازبات على إجراء فحص الحمض النووي dna. ظاهرة خطيرة وأسباب معقدة وترجع هذه الظاهرة الخطيرة إلى العديد من الأسباب، منها الجهل والفقر، وكذلك التقليد الأعمى للثقافة الغربية، فالفضائيات والأنترنت، وملابس المودة الخليعة، وانتشار أنواع المخدرات، والمواقع الإباحية ومواقع التعارف.. كلها وغيرها عوامل تسهّل العلاقات، وبالتالي الوقوع في الحرام، وتنشر قلة الحياء، وتشجّع على الزنا وانتشار الفاحشة. بالإضافة إلى أن غياب الزواج المبكر، وعدم تسهيل الزواج الذي يعتبر عنصرا هاما في حفظ النفس البشرية وصيانة الإنسان عن الوقوع في المحظور، ساهم في استشراء الانحلال الأخلاقي، لهذا كان أجدادنا يتزوجون صغارا، و كانوا لا يتغالون في المهور بغرض الفخر، حيث كانوا يصرفون هذه الغريزة الفطرية في الحلال، وثمرتها ذرية صالحة، على عكس الشباب الآن الذين يستحلون ما حرم الله كالزنا، و تبرريهم فعل الرذيلة بأنهم مازالوا صغارا على تحمّل مسؤولية الزوجة والاطفال، ويريدون الاستمتاع بحريتهم فيما حرم الله. أما بالنسبة للفتيات فنجدهن يقلدن المسلسلات والمجتمعات الغربية في طريقة لبسهن وطريقة تفكريهن، وإذا جاءها من يُرضى دينه تشترط المهر الغالي ومسكنا لوحدها، كأن المادة والمظاهر هي مفتاح السعادة، كذلك استقطبن عقلية الحرية والتحرر التي تدمر المجتمع، وتفكك أخلاقه وتمزّق أصوله .الشرع يحفظ للمرأة كرامتها وللطفل حقوقه حكم الشرع وديننا الحنيف عادل، فالإسلام يحمّل المسؤولية للرجل والمرأة على حد سواء، فإذا حمّلنا المرأة المسؤولية وحدها، و برّأنا الرجل فقد نكون قد غيّرنا الدين على حسب هوانا، ونكون سلكنا طرق الديانات المحرّفة السابقة، مثل المسحية واليهودية والتي تجعل المرأة سبب كل شر وقع، بل أكثر من ذلك أنها سبب الخطيئة الأولى لآدم، وحواء، حسب زعمهم، هي باب الشيطان، هذه كلها إسرائيليات تسربت إلى عقول بعض المسلمين.والصحيح هو ما ورد في الإسلام، والذي يجب أن نتبعه دون إعطاء رأي مخالف له حسب هوانا، فالإسلام كرّم المرأة وعزّز مكانتها، وأمرها بستر مفاتنها، وحفظ فرجها، فإذا غرّرت بها الدنيا، وندمت وتابت بعد ذلك غفر الله عز وجل لها، وإذا تمرّدت بمعصيتها فجزاءها عذاب الله، الذي يُمهل ولا يُهمل. ونفس الشيء بالنسبة للرجل، ففي كل آيات القرآن، يتساوى الرجل والمرأة في تحمّل المسؤولية، وهما متساويين في ذلك كما قال عز وجل في سورة الأحزاب/الآية 35 "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعدّ الله لهم مغفرة وأجرا عظيما"، كذلك في سورة التوبة/ الآية 71 "المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة يؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله". فالتوبة والندم والعزم على الإكثار من الحسنات حتى تذهب سيئات هذه المعصية الكبيرة هو الحل الوحيد للنجاة في الدنيا والآخرة.وفي فتوى للشيخ ابن جبرين رحمه الله قال: إنه إذا اعترف الأب بالطفل، فإنه يُنسب إليه وأنه لا يعاقب بفعل أبويه، بل هو مسلم كباقي المسلمين إن تربّى على فعل الخيرات، ونشأ عليها وعمل بها فهو من الصالحين، و له خير الجزاء، وإن سلك طريق الانحراف فعليه العذاب.فللقضاء على هذه الظاهرة المخيفة التي تهدّد بلادنا، وبلاد المسلمين، يجب بتر الورم من أصوله، وليس وضع مسكنات عليه، بل هي متفجّرات ستنفجر في و قت لاحق، إذا استمر الحال على ما هو عليه. نسأل الله أن يحمي ويستر كل بنات وشباب المسلمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق