الجمعة، 2 مايو 2014

الغـذاء

الغْذَاء..

لا زلتْ ذاكرتي تَحْتفظ بِلوحَات تَعلُم من الماضي...حين كنا نذهب باكرا في فصل الخريف إلى الحقل لجني التمور، كان أول من يَصلُ منا يُشعِلُ الن٘ار ليُعطِ٘رَ المَكان برائحة الد٘خان وندفئ أيْدينا استعدادا لمباشرة المهام...المُمْتع في كل هذا أن رب الأسرة كان في نهاية العمل وقبل مغادرة المكان يُنادي الجميع ليُعطي كل واحد بعضا من التمر مقابل ما أنجزه من عمل، بمقدار الجهد وحسب ما كُلِفَ به من مهام ، كان الجميع ودون استثناء يأخذُ حصته، الصغير والكبير، الإناث والذكور، هذا النوع من الأجر كنا نطلق عليه "الغْذَاء" رُبما لأنه كان يُشبع حاجتنا إلى الإحساس بِعَدَالَةِ العَائِدْ حسب نظرية "آدامز"

ويُشْعِرُنَا بالر٘ضا عن العمل الذي تضمنه حديث النبي صل٘ى الله عليه وسلم (أَعْط الأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ)في طريق عودتنا إلى الد٘ار كنا نَركُضُ خَلْفَ عَرَبَة الحِمَار يُتابِعُ كُلٌ مِنَا مَوْضِعَ حِصَته في العربة، ويَحْلُمُ بِكَمْ سَتعُود عَليْهِ من ربح...لقد كان موسمُ جَنْي التُمور مدرسة عَلَمتنا قاعدة ذهبية هي: أنه حين يُثم٘ن جهد الفرد يشعر بقيمته، و يزيد عطاءه و يضاعف المجهود..فأي معنى لعدالة العائد حين نُصنفُ في نفس المرتبة المجتهد والكسول؟؟

وكيف يكتسب أبناؤنا قيم العمل ونحن نعطيهم ما يشتهون من النقود، من غير أن نلقى منهم حسن طاعة، وبلا بذل لأي جهد.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق