دراسة عزوف طلبة المدارس عن الدراسة - أسباب ونتائج وحلول
دراسة مكتبية
مقدِّمة:
يَشتَكِي بعضُ أولياءِ أمورِ الطلاب أن أبناءهم لا يُحبُّون الدراسة، وأنهم كثيرًا ما يَنشَغِلون: باللعب، ومشاهدةِ التلفاز، ودخولِ مقاهي الإنترنت، وتمضيةِ الوقتِ الكثير في ممارسة الألعابِ الإلكترونية.
هل هذه الشَّكْوَى في محلِّها؟
أين دورُ الآباءِ في تربية أبنائهم؟
هل سأل الأبُ ابنَه: ما أهميةُ المدرسةِ بالنسبة لك؟
ما الموادُّ التي تَرغَب فيها وتُحِبُّها؟
ما الموادُّ التي لا تُحِبُّها؟ ولماذا؟
ما سببُ تفوقِك في مادَّة...؟
ما سببُ تدنِّي درجاتِك في المواد؟
وأخيرًا: هل إلقاءُ اللومِ على وَلِيِّ الأمر يَكفِي؟
قصص وحكايات:
"مجيد" تلميذٌ في الصف الأوَّل الثانوي:
سِجلُّه الأكاديمِيُّ ضعيفٌ جدًّا في غالبية الموادِّ، عمرُه أكبر من كلِّ أترابه، يَصِفُه الأستاذ "ماهر" بأنه أسوءُ تلميذٍ في الفصل؛ لأنه سيئُ السلوكِ بصفةٍ مستمرةٍ، يَرفُض القيامَ بما يكلَّف به من واجبات مدرسية، وكثيرًا ما يشتِّت انتباهَ زملائه في الصفِّ أثناء الدرس، كما أن لديه حالاتِ هروبٍ متكرِّر من المدرسة.
"بلال" تلميذٌ في الصف الثالث الابتدائي:
سجلُّه الأكاديميُّ مرتفعٌ جدًّا، وله شهرةٌ كطالبٍ ممتاز، لاحظ معلمُه الأستاذ "قاسم" حضورَه المتأخِّر الدائمَ للمدرسة، وعندما تحدَّث إلى والديه شَكَيا إليه معاناتِهما في إيقاظِه في الصباح للذهاب إلى المدرسة، كما أنه يعبِّر بصراحةٍ عن عدمِ رغبتِه في الذهاب إلى المدرسة، وأنه يُرِيد الانقطاعَ عن الدراسةِ. "موقع: ملتقى الوادي الثقافي الإلكتروني".
وهذه إجاباتٌ صدَرَت من طلابٍ حولَ سؤال:
ما رأيُك في المدرسةِ؟
1- في المدرسةِ عملٌ كثيرٌ، ويومٌ طويلٌ، والفرصةُ غيرُ كافيةٍ.
2- أنا أحبُّ المدرسةَ؛ لأني لا أُرِيد أن أَبقَى في المنزلِ، أُحبُّ أن أكونَ مع أصدقائي.
3- أحبُّ المدرسةَ أحيانًا، لكن هناك أشياءَ أحبُّها أكثر من المدرسة؛ لأن بعضَ الكتبِ لا تزوِّدني بما أرغب في معرفته.
4- المدرسةُ بالطبعِ لا أحبُّها؛ لأن المعلِّمين غريبو الأطوارِ: أحيانًا تكونُ مندمجًا في العمل، وفجأة تنهالُ عليك صفعةٌ على وجهك.
5- لا أحبُّ هذه المدرسةَ اللعينةَ، إلا إذا زوِّدت المدرسةُ بصالةٍ للألعاب الرياضية؛ فسوف يكونُ لدينا وقتٌ للعبةِ كرة القدم.
أسباب عزوف الطلبة عن الدراسة:
ترجِع الأسبابُ إلى الوالدين:
توقُّعات الوالدين عاليةٌ بتفوُّق الابن، لكن الابنَ يَبذُل طاقتَه المحدودة، فلا يَستَطِيع أن يحقِّق آمال والديه؛ فيَشْعُر بالإحباطِ والخيبةِ، ومن ثَمَّ يَكرَه الدراسة، وبالعكسِ بعضُ الوالدين توقعاتُهما منخفضةٌ عن الابن، فلا يتوقَّعان منه إلا القليل، ولو أن ذلك نادرٌ إلا أن ذلك يؤثِّر على نفسيةِ الابن؛ فلا يَعتَمِد على نفسِه، ولا يشجِّعونه على الاستقلاليةِ؛ فيَعِيش الاتِّكالية، ويطلب المساعدة دائمًا من والديه، فيُواجِه صعوباتٍ في الدراسةِ؛ فيَكرَه المدرسة.
ترجِع إلى المعلِّم:
بعض المعلِّمين يشجِّع الطالبَ على عدمِ الاهتمام بالدراسة؛ حيث ينصحُه أن يلتحقَ بدروسٍ خصوصيةٍ؛ كي ينجحَ في مادَّته، كأن النجاحَ يأتِي من المالِ وليس بجهدِ الطالبِ.
سوء العلاقة مع المعلِّم:
هل معلِّم اليومِ أفضلُ من معلِّم الأمس؟ ولماذا؟
ترجِع إلى المقرَّرات الدراسيةِ:
لا تحقِّق المقرَّرات الدراسيةُ رغباتِ الطلابِ، يَشعُرون بعدمِ الحاجة إلى هذه المقرَّرات، إنهم لا يَستَفِيدون منها في الحياة الاجتماعية والمِهنِية.
تَرجِع إلى بيئة المدرسة:
لا يَجِد الطلبةُ المدرسةَ مكانًا لمزاولةِ الأنشطةِ الرياضيةِ، الاجتماعيةِ، الثقافيةِ، الترفيهيةِ؛ فالمدرسةُ بيئةٌ طاردةٌ، حتى إن الطالبَ يَكرَه الكرسيَّ الذي يَجلِس عليه في الفصلِ، الجلوس طويلاً حصتين أو ثلاث حصص، كثرة الموادِّ في اليوم الواحد، يَجِد الطالبُ ضالَّته خارج المدرسة، يُشبِع ميولَه: بالألعاب الإلكترونية، التسكُّعِ في الشوارع والطرقات، الغياب الجماعي للطلاب بعد أداء الاختباراتِ الفتريةِ وغيرِها، وقد يَلجَأ بعض الطلاب إلى ارتكابِ جرائم "الأحداث".
عدمُ علاجِ الغيابِ الجماعي للطلابِ، وهذا الغيابُ نتيجةٌ لعدمِ حبِّهم للمدرسةِ أو للدراسةِ.
الخوفُ والرهبةُ من الامتحان:
الامتحانُ يَقِيس الجانبَ المعرفِي فقط لَدَى الطلاب، ويهمل جانبَي المهاراتِ والاتجاهات "القيم".
غيابُ الحوارِ والاستماعِ إلى همومِ الطلاب المراهقين:
يوجد الطلبة بالقربِ من المدرسة، ويُدفَع الطالب قهرًا لدخول المدرسة، لماذا؟
رغبةُ الطالبِ في تأكيدِ ذاتِه، وجذبِ انتباهِ الآخرين إليه، أو شعوره بالخيبةِ والفشلِ؛ لأنه يَمُرُّ بفترةِ المراهقةِ، ولا يَرَى مَن يَستَمِع إليه، أو أن يَرْعَى أيَّ اهتمامٍ من الكبار.
غيابُ أو تحجيمُ دورِ: الأسرةِ، المدرسةِ، المسجدِ، وسائلِ الأعلام، في مقابل تنامي دور وسائل التكنولوجيا:
أَلغَت أجهزةُ "التكنولوجيا" حبَّ الدراسةِ من قلوبِ الطلاب، كيف؟
إجادةُ أجهزةِ "التكنولوجيا" الحوارَ مع الأبناءِ؛ اختُرِعت أجهزةُ "التكنولوجيا" لتشبِع ميولَ الأبناء.
تمضيةُ الطالبِ والمراهِق جلَّ الوقتِ بممارسة الألعابِ الإلكترونية.
دخولُ غرفِ الدردشةِ ومواقع التواصل الاجتماعي.
استخداماتُ "الموبايل" شبكة الانترنت، "البلوتوث" و الهاتف النقَّال.
تُشِير إحدى الدراسات: إلى أن استخدامَ الهاتف النقَّال من قِبَل طلابِ المدارسِ قد أَلهَاهم عن دراستِهم، وكان سببًا في انخفاض التحصيل العلمي، بل وفي الهروب من المدرسة.
طلبُ الشهرةِ بدلاً من طلب الدراسة:
أُجرِيت في "رومانيا" - قبل سنة - استطلاعاتٌ في صفوفِ الشباب حولَ آمالِهم المستقبلية، وما يَطمَحُون إلى تحقيقِه في حياتهم المِهنِية والخاصة، وقد أجابت أغلبيةُ المستطلَعة آراؤهم بأن رغبتَهم هي كسبُ أكبرِ قدرٍ ممكنٍ من الأموالِ واكتسابُ الشهرة، وهذا شيءٌ طبيعيٌّ وغير مفاجئ؛ فكلُّ الشبابِ عمومًا لديهم طموحاتٌ من هذا النوع، لكن المثيرَ للقلقِ في نتائج هذه الاستطلاعات أن الكثيرين منهم يُعِيرون اهتمامًا محدودًا لدراساتهم الجامعية، التي لم يَعُودُوا يَعتَبِرونها من شروطِ النجاح في الحياة، وهم يَرَون أنه يمكنُهم تحقيقُ كلِّ أمنياتِهم دونَ الإصرار على التردُّد إلى المدارس والكليات.
نتائجُ العزوفِ عن الدراسة:
تأخرُ حضورِ الطلبة إلى المدرسة:
أَصدَرت وزارة التربيةِ في جمهورية جنوب إفريقيا قرارًا بتسليمِ الطلبةِ المتأخِّرين صباحًا إلى مركزِ الشرطة، على أن يستلمَهم أولياء أمورهم، والسببُ أن وزيرة التربية زَارَت إحدى مدارسِ الثانوية، فَرَأَت أن 60% من مجموعِ طلبةِ المدرسة متأخِّرين عن طابورِ الصباح، وكان حضورُهم ما بين 30 و60 دقيقة من بَدْء الدوام المدرسي، بل كذلك بعضُ المعلِّمين قد تأخَّر عن الحضور الصباحي؛ "جريدة الأنباء الكويتية 15/2/2012".
العنفُ في المدارس:
تَكثُر البَلاغاتُ الصادرةُ من مراكز الشرطةِ في لندن حولَ العنف في المدارسِ، والعجيبُ أن المدارسَ الابتدائية فيها العنفُ الطلابِيُّ كما في مدارسِ الثانوية.
وتُشِير الدراساتُ إلى أن هذا العنفَ الذي يُمَارِسُه الأطفالُ يأتِي بسببِ البَرامِج الكرتونية التي تُعرَض في التلفاز، والتي تؤدِّي إلى سلوكٍ إجراميٍّ لدى هؤلاء الطلبةِ؛ فطلبةُ المدارس صغارًا وكبارًا يتأثَّرون بأفلامِ المغامراتِ، وأفلام الكرتون؛ فيُحَاوِلون تقليدَ أبطالِها؛ نتيجة لاهتماماتهم الزائدة بهذه الأفلامِ، وقلة رغبتِهم في الدراسة؛ "إذاعة bbc اللندية 23/12/2008".
إخلالُ نظامِ الفصل:
أشارت دراسةٌ حديثةٌ في لندن "2010" أن كلَّ "7 من 10" معلِّمين يُعَانُون نفسيًّا بسببِ سوءِ السلوك الطلابِيِّ، وأثرِه على إخلال نظام الفصل، بل ويَعتَبِرون هذا السلوكَ الطلابِيَّ أكثر أثرًا من ضغوطِ العملِ المدرسيِّ على المعلِّمين، ووصل الأمرُ - كما تقول الدراسةُ - أن ثلثَ أفرادِ عيِّنة الدراسة من المعلِّمين يَلجَؤون إلى إجازةٍ طويلة؛ هربًا من العنف الطلابي.
الغياب الجماعي للطلبة:
في مقالٍ لي - نشر في مجلة المعلم الكويتية، تحت عنوان: "مدارسُ بلا جدرانٍ" - ذكرت أن الطلبة يتطلَّعون إلى البيئةِ خارجَ المدرسةِ؛ حيث يَجِدُون كلَّ أنواعِ اللعبِ والمرحِ؛ لذا كانت المدارسُ عندنا تَشهَد غيابًا جماعيًّا لطلابها بعد أداءِ الامتحانات الشهرية أو الفصلية؛ بسببِ عدمِ رغبتهم في التعليم.
جرائمُ الأحداثِ:
لهذه الجرائمِ أسبابٌ عديدةٌ، وأهمها: ضعفُ عَلاقةِ الحَدَث - الطالب - بالمدرسةِ، وتَكرارُ رسوبِه يَجعلُه يَكرَه المدرسةَ، ولا يَجِد مَن يحل مشكلتَه؛ فيَلجَأ إلى أسلوبِ الإجرامِ.
طرق وأساليب الرغبة إلى الدراسة:
سؤال موجَّه إلى الأبناء:
هل تشعرُ أن مناهجَنا تعلِّمنا كيف نفكِّر، أو كيف نتعلَّم التفكيرَ؟
سؤال موجَّه إلى الآباء والمسؤولِين:
لماذا مُخْرَجاتُ التعليم ضعيفةٌ في نظامِنا التعليميِّ؟
لا بدَّ من: تغييرِ المناهجِ الدراسية، جعلِ المدرسةِ بيئةً جاذبة، إزالةِ رهبةِ الامتحان في نفوس الأبناء و....
إثارةُ دافعيةِ التعلُّم لدى الأبناء:
المقارنةُ بين العلمِ والجهلِ.
تعويدُ الأبناءِ على التعلُّم الذاتِي والتعلم بالاكتشاف.
إتاحةُ فرصةِ التفكير للأبناء؛ كي يتوصَّلوا إلى الحقائق والمعارف.
مساعدةُ الأبناءِ على اكتشاف المعانِي والمفاهيمِ، أو أن يَعرِفوا كيف تَمَّت صياغةُ المعرفة وتشكيلها.
تنميةُ مهاراتِ التفكيرِ العليا؛ مثل: التحليلِ، والتركيبِ، والتقويم.
الرغبة في التفوُّق:
حبُّ الاستذكارِ، التمييزُ بين النجاحِ والتفوقِ، الثقةُ بالنفسِ، تنمية شعور الطالب أنه الأفضل، التفوُّق طريقُ الأبطالِ، زرعُ حبِّ التنافس والتحدِّي.
التعليم الترفيهي "التعلُّم الممتِع":
تخصيصُ مبدأ "اللعب والمرح" في المقرَّرات الدراسية.
اللعبُ التَّربَوي الهَادِف، المَرَح والمُزَاح والفُكَاهة، تنميةُ الخيالِ، التعلُّم الجماعيُّ، تنميةُ الهواياتِ، فتحُ بابِ الموهبة والإبداع، التفاعلُ مع عناصر البيئة.
تعزيزُ الحوارِ، وفهمُ ما يُرِيده الأبناء، واحترامُ شخصيتِهم.
استغلالُ التكنولوجيا في التعليم:
توجَد دراساتٌ تتناولُ مختلفَ أوجهِ الاستفادةِ من التكنولوجيا في مجال التربية وتوظيفِها؛ لتحسينِ أداءِ المدرسةِ والمدرِّسين، وتطويرِ المناهجِ، فاكتسحت "تكنولوجيا الاتصال والمعلومات" مجالَ التعليمِ، وليس استخدامها كوسائلَ تعليميةٍ فَحَسْبُ، بل كأسلوبٍ في التفكيرِ وتنظيمِ العمل؛ فظَهَر ما يُعرَف بالمنهاجِ التكنولوجي، لكن لم يطبَّق هذا المنهج في مدارسنا، وإن كنا نَسمَع عن مشروعٍ لكلِّ طالبٍ جهاز "لاب توب"، لكن لا يكفي تحويلُ الكتابِ المدرسِي من كتابٍ ورقي إلى كتابٍ إلكتروني..... لماذا؟
كيف نساعدُ الأبناءَ على استخدامِ "شبكة الإنترنت" كمعلِّم بديلٍ يُسَاعِد الطالبَ على فهمِ المادَّة العلمية؟
التوصيات:
تعاونُ البيتِ والمدرسةِ والمجتمعِ المدنِيِّ في إيجادِ حلولٍ عملية لمشكلة العزوف عن الدراسة.
إجراءُ دراساتٍ ميدانيةٍ لرصدِ حجمِ مشكلةِ العزوف عن الدراسة.
تعاونُ الدولِ وشركاتِ "الإنترنت" في كيفيةِ استفادة طلابِ المدارس من شبكةِ "الإنترنت".
دراسة مكتبية
مقدِّمة:
يَشتَكِي بعضُ أولياءِ أمورِ الطلاب أن أبناءهم لا يُحبُّون الدراسة، وأنهم كثيرًا ما يَنشَغِلون: باللعب، ومشاهدةِ التلفاز، ودخولِ مقاهي الإنترنت، وتمضيةِ الوقتِ الكثير في ممارسة الألعابِ الإلكترونية.
هل هذه الشَّكْوَى في محلِّها؟
أين دورُ الآباءِ في تربية أبنائهم؟
هل سأل الأبُ ابنَه: ما أهميةُ المدرسةِ بالنسبة لك؟
ما الموادُّ التي تَرغَب فيها وتُحِبُّها؟
ما الموادُّ التي لا تُحِبُّها؟ ولماذا؟
ما سببُ تفوقِك في مادَّة...؟
ما سببُ تدنِّي درجاتِك في المواد؟
وأخيرًا: هل إلقاءُ اللومِ على وَلِيِّ الأمر يَكفِي؟
قصص وحكايات:
"مجيد" تلميذٌ في الصف الأوَّل الثانوي:
سِجلُّه الأكاديمِيُّ ضعيفٌ جدًّا في غالبية الموادِّ، عمرُه أكبر من كلِّ أترابه، يَصِفُه الأستاذ "ماهر" بأنه أسوءُ تلميذٍ في الفصل؛ لأنه سيئُ السلوكِ بصفةٍ مستمرةٍ، يَرفُض القيامَ بما يكلَّف به من واجبات مدرسية، وكثيرًا ما يشتِّت انتباهَ زملائه في الصفِّ أثناء الدرس، كما أن لديه حالاتِ هروبٍ متكرِّر من المدرسة.
"بلال" تلميذٌ في الصف الثالث الابتدائي:
سجلُّه الأكاديميُّ مرتفعٌ جدًّا، وله شهرةٌ كطالبٍ ممتاز، لاحظ معلمُه الأستاذ "قاسم" حضورَه المتأخِّر الدائمَ للمدرسة، وعندما تحدَّث إلى والديه شَكَيا إليه معاناتِهما في إيقاظِه في الصباح للذهاب إلى المدرسة، كما أنه يعبِّر بصراحةٍ عن عدمِ رغبتِه في الذهاب إلى المدرسة، وأنه يُرِيد الانقطاعَ عن الدراسةِ. "موقع: ملتقى الوادي الثقافي الإلكتروني".
وهذه إجاباتٌ صدَرَت من طلابٍ حولَ سؤال:
ما رأيُك في المدرسةِ؟
1- في المدرسةِ عملٌ كثيرٌ، ويومٌ طويلٌ، والفرصةُ غيرُ كافيةٍ.
2- أنا أحبُّ المدرسةَ؛ لأني لا أُرِيد أن أَبقَى في المنزلِ، أُحبُّ أن أكونَ مع أصدقائي.
3- أحبُّ المدرسةَ أحيانًا، لكن هناك أشياءَ أحبُّها أكثر من المدرسة؛ لأن بعضَ الكتبِ لا تزوِّدني بما أرغب في معرفته.
4- المدرسةُ بالطبعِ لا أحبُّها؛ لأن المعلِّمين غريبو الأطوارِ: أحيانًا تكونُ مندمجًا في العمل، وفجأة تنهالُ عليك صفعةٌ على وجهك.
5- لا أحبُّ هذه المدرسةَ اللعينةَ، إلا إذا زوِّدت المدرسةُ بصالةٍ للألعاب الرياضية؛ فسوف يكونُ لدينا وقتٌ للعبةِ كرة القدم.
أسباب عزوف الطلبة عن الدراسة:
ترجِع الأسبابُ إلى الوالدين:
توقُّعات الوالدين عاليةٌ بتفوُّق الابن، لكن الابنَ يَبذُل طاقتَه المحدودة، فلا يَستَطِيع أن يحقِّق آمال والديه؛ فيَشْعُر بالإحباطِ والخيبةِ، ومن ثَمَّ يَكرَه الدراسة، وبالعكسِ بعضُ الوالدين توقعاتُهما منخفضةٌ عن الابن، فلا يتوقَّعان منه إلا القليل، ولو أن ذلك نادرٌ إلا أن ذلك يؤثِّر على نفسيةِ الابن؛ فلا يَعتَمِد على نفسِه، ولا يشجِّعونه على الاستقلاليةِ؛ فيَعِيش الاتِّكالية، ويطلب المساعدة دائمًا من والديه، فيُواجِه صعوباتٍ في الدراسةِ؛ فيَكرَه المدرسة.
ترجِع إلى المعلِّم:
بعض المعلِّمين يشجِّع الطالبَ على عدمِ الاهتمام بالدراسة؛ حيث ينصحُه أن يلتحقَ بدروسٍ خصوصيةٍ؛ كي ينجحَ في مادَّته، كأن النجاحَ يأتِي من المالِ وليس بجهدِ الطالبِ.
سوء العلاقة مع المعلِّم:
هل معلِّم اليومِ أفضلُ من معلِّم الأمس؟ ولماذا؟
ترجِع إلى المقرَّرات الدراسيةِ:
لا تحقِّق المقرَّرات الدراسيةُ رغباتِ الطلابِ، يَشعُرون بعدمِ الحاجة إلى هذه المقرَّرات، إنهم لا يَستَفِيدون منها في الحياة الاجتماعية والمِهنِية.
تَرجِع إلى بيئة المدرسة:
لا يَجِد الطلبةُ المدرسةَ مكانًا لمزاولةِ الأنشطةِ الرياضيةِ، الاجتماعيةِ، الثقافيةِ، الترفيهيةِ؛ فالمدرسةُ بيئةٌ طاردةٌ، حتى إن الطالبَ يَكرَه الكرسيَّ الذي يَجلِس عليه في الفصلِ، الجلوس طويلاً حصتين أو ثلاث حصص، كثرة الموادِّ في اليوم الواحد، يَجِد الطالبُ ضالَّته خارج المدرسة، يُشبِع ميولَه: بالألعاب الإلكترونية، التسكُّعِ في الشوارع والطرقات، الغياب الجماعي للطلاب بعد أداء الاختباراتِ الفتريةِ وغيرِها، وقد يَلجَأ بعض الطلاب إلى ارتكابِ جرائم "الأحداث".
عدمُ علاجِ الغيابِ الجماعي للطلابِ، وهذا الغيابُ نتيجةٌ لعدمِ حبِّهم للمدرسةِ أو للدراسةِ.
الخوفُ والرهبةُ من الامتحان:
الامتحانُ يَقِيس الجانبَ المعرفِي فقط لَدَى الطلاب، ويهمل جانبَي المهاراتِ والاتجاهات "القيم".
غيابُ الحوارِ والاستماعِ إلى همومِ الطلاب المراهقين:
يوجد الطلبة بالقربِ من المدرسة، ويُدفَع الطالب قهرًا لدخول المدرسة، لماذا؟
رغبةُ الطالبِ في تأكيدِ ذاتِه، وجذبِ انتباهِ الآخرين إليه، أو شعوره بالخيبةِ والفشلِ؛ لأنه يَمُرُّ بفترةِ المراهقةِ، ولا يَرَى مَن يَستَمِع إليه، أو أن يَرْعَى أيَّ اهتمامٍ من الكبار.
غيابُ أو تحجيمُ دورِ: الأسرةِ، المدرسةِ، المسجدِ، وسائلِ الأعلام، في مقابل تنامي دور وسائل التكنولوجيا:
أَلغَت أجهزةُ "التكنولوجيا" حبَّ الدراسةِ من قلوبِ الطلاب، كيف؟
إجادةُ أجهزةِ "التكنولوجيا" الحوارَ مع الأبناءِ؛ اختُرِعت أجهزةُ "التكنولوجيا" لتشبِع ميولَ الأبناء.
تمضيةُ الطالبِ والمراهِق جلَّ الوقتِ بممارسة الألعابِ الإلكترونية.
دخولُ غرفِ الدردشةِ ومواقع التواصل الاجتماعي.
استخداماتُ "الموبايل" شبكة الانترنت، "البلوتوث" و الهاتف النقَّال.
تُشِير إحدى الدراسات: إلى أن استخدامَ الهاتف النقَّال من قِبَل طلابِ المدارسِ قد أَلهَاهم عن دراستِهم، وكان سببًا في انخفاض التحصيل العلمي، بل وفي الهروب من المدرسة.
طلبُ الشهرةِ بدلاً من طلب الدراسة:
أُجرِيت في "رومانيا" - قبل سنة - استطلاعاتٌ في صفوفِ الشباب حولَ آمالِهم المستقبلية، وما يَطمَحُون إلى تحقيقِه في حياتهم المِهنِية والخاصة، وقد أجابت أغلبيةُ المستطلَعة آراؤهم بأن رغبتَهم هي كسبُ أكبرِ قدرٍ ممكنٍ من الأموالِ واكتسابُ الشهرة، وهذا شيءٌ طبيعيٌّ وغير مفاجئ؛ فكلُّ الشبابِ عمومًا لديهم طموحاتٌ من هذا النوع، لكن المثيرَ للقلقِ في نتائج هذه الاستطلاعات أن الكثيرين منهم يُعِيرون اهتمامًا محدودًا لدراساتهم الجامعية، التي لم يَعُودُوا يَعتَبِرونها من شروطِ النجاح في الحياة، وهم يَرَون أنه يمكنُهم تحقيقُ كلِّ أمنياتِهم دونَ الإصرار على التردُّد إلى المدارس والكليات.
نتائجُ العزوفِ عن الدراسة:
تأخرُ حضورِ الطلبة إلى المدرسة:
أَصدَرت وزارة التربيةِ في جمهورية جنوب إفريقيا قرارًا بتسليمِ الطلبةِ المتأخِّرين صباحًا إلى مركزِ الشرطة، على أن يستلمَهم أولياء أمورهم، والسببُ أن وزيرة التربية زَارَت إحدى مدارسِ الثانوية، فَرَأَت أن 60% من مجموعِ طلبةِ المدرسة متأخِّرين عن طابورِ الصباح، وكان حضورُهم ما بين 30 و60 دقيقة من بَدْء الدوام المدرسي، بل كذلك بعضُ المعلِّمين قد تأخَّر عن الحضور الصباحي؛ "جريدة الأنباء الكويتية 15/2/2012".
العنفُ في المدارس:
تَكثُر البَلاغاتُ الصادرةُ من مراكز الشرطةِ في لندن حولَ العنف في المدارسِ، والعجيبُ أن المدارسَ الابتدائية فيها العنفُ الطلابِيُّ كما في مدارسِ الثانوية.
وتُشِير الدراساتُ إلى أن هذا العنفَ الذي يُمَارِسُه الأطفالُ يأتِي بسببِ البَرامِج الكرتونية التي تُعرَض في التلفاز، والتي تؤدِّي إلى سلوكٍ إجراميٍّ لدى هؤلاء الطلبةِ؛ فطلبةُ المدارس صغارًا وكبارًا يتأثَّرون بأفلامِ المغامراتِ، وأفلام الكرتون؛ فيُحَاوِلون تقليدَ أبطالِها؛ نتيجة لاهتماماتهم الزائدة بهذه الأفلامِ، وقلة رغبتِهم في الدراسة؛ "إذاعة bbc اللندية 23/12/2008".
إخلالُ نظامِ الفصل:
أشارت دراسةٌ حديثةٌ في لندن "2010" أن كلَّ "7 من 10" معلِّمين يُعَانُون نفسيًّا بسببِ سوءِ السلوك الطلابِيِّ، وأثرِه على إخلال نظام الفصل، بل ويَعتَبِرون هذا السلوكَ الطلابِيَّ أكثر أثرًا من ضغوطِ العملِ المدرسيِّ على المعلِّمين، ووصل الأمرُ - كما تقول الدراسةُ - أن ثلثَ أفرادِ عيِّنة الدراسة من المعلِّمين يَلجَؤون إلى إجازةٍ طويلة؛ هربًا من العنف الطلابي.
الغياب الجماعي للطلبة:
في مقالٍ لي - نشر في مجلة المعلم الكويتية، تحت عنوان: "مدارسُ بلا جدرانٍ" - ذكرت أن الطلبة يتطلَّعون إلى البيئةِ خارجَ المدرسةِ؛ حيث يَجِدُون كلَّ أنواعِ اللعبِ والمرحِ؛ لذا كانت المدارسُ عندنا تَشهَد غيابًا جماعيًّا لطلابها بعد أداءِ الامتحانات الشهرية أو الفصلية؛ بسببِ عدمِ رغبتهم في التعليم.
جرائمُ الأحداثِ:
لهذه الجرائمِ أسبابٌ عديدةٌ، وأهمها: ضعفُ عَلاقةِ الحَدَث - الطالب - بالمدرسةِ، وتَكرارُ رسوبِه يَجعلُه يَكرَه المدرسةَ، ولا يَجِد مَن يحل مشكلتَه؛ فيَلجَأ إلى أسلوبِ الإجرامِ.
طرق وأساليب الرغبة إلى الدراسة:
سؤال موجَّه إلى الأبناء:
هل تشعرُ أن مناهجَنا تعلِّمنا كيف نفكِّر، أو كيف نتعلَّم التفكيرَ؟
سؤال موجَّه إلى الآباء والمسؤولِين:
لماذا مُخْرَجاتُ التعليم ضعيفةٌ في نظامِنا التعليميِّ؟
لا بدَّ من: تغييرِ المناهجِ الدراسية، جعلِ المدرسةِ بيئةً جاذبة، إزالةِ رهبةِ الامتحان في نفوس الأبناء و....
إثارةُ دافعيةِ التعلُّم لدى الأبناء:
المقارنةُ بين العلمِ والجهلِ.
تعويدُ الأبناءِ على التعلُّم الذاتِي والتعلم بالاكتشاف.
إتاحةُ فرصةِ التفكير للأبناء؛ كي يتوصَّلوا إلى الحقائق والمعارف.
مساعدةُ الأبناءِ على اكتشاف المعانِي والمفاهيمِ، أو أن يَعرِفوا كيف تَمَّت صياغةُ المعرفة وتشكيلها.
تنميةُ مهاراتِ التفكيرِ العليا؛ مثل: التحليلِ، والتركيبِ، والتقويم.
الرغبة في التفوُّق:
حبُّ الاستذكارِ، التمييزُ بين النجاحِ والتفوقِ، الثقةُ بالنفسِ، تنمية شعور الطالب أنه الأفضل، التفوُّق طريقُ الأبطالِ، زرعُ حبِّ التنافس والتحدِّي.
التعليم الترفيهي "التعلُّم الممتِع":
تخصيصُ مبدأ "اللعب والمرح" في المقرَّرات الدراسية.
اللعبُ التَّربَوي الهَادِف، المَرَح والمُزَاح والفُكَاهة، تنميةُ الخيالِ، التعلُّم الجماعيُّ، تنميةُ الهواياتِ، فتحُ بابِ الموهبة والإبداع، التفاعلُ مع عناصر البيئة.
تعزيزُ الحوارِ، وفهمُ ما يُرِيده الأبناء، واحترامُ شخصيتِهم.
استغلالُ التكنولوجيا في التعليم:
توجَد دراساتٌ تتناولُ مختلفَ أوجهِ الاستفادةِ من التكنولوجيا في مجال التربية وتوظيفِها؛ لتحسينِ أداءِ المدرسةِ والمدرِّسين، وتطويرِ المناهجِ، فاكتسحت "تكنولوجيا الاتصال والمعلومات" مجالَ التعليمِ، وليس استخدامها كوسائلَ تعليميةٍ فَحَسْبُ، بل كأسلوبٍ في التفكيرِ وتنظيمِ العمل؛ فظَهَر ما يُعرَف بالمنهاجِ التكنولوجي، لكن لم يطبَّق هذا المنهج في مدارسنا، وإن كنا نَسمَع عن مشروعٍ لكلِّ طالبٍ جهاز "لاب توب"، لكن لا يكفي تحويلُ الكتابِ المدرسِي من كتابٍ ورقي إلى كتابٍ إلكتروني..... لماذا؟
كيف نساعدُ الأبناءَ على استخدامِ "شبكة الإنترنت" كمعلِّم بديلٍ يُسَاعِد الطالبَ على فهمِ المادَّة العلمية؟
التوصيات:
تعاونُ البيتِ والمدرسةِ والمجتمعِ المدنِيِّ في إيجادِ حلولٍ عملية لمشكلة العزوف عن الدراسة.
إجراءُ دراساتٍ ميدانيةٍ لرصدِ حجمِ مشكلةِ العزوف عن الدراسة.
تعاونُ الدولِ وشركاتِ "الإنترنت" في كيفيةِ استفادة طلابِ المدارس من شبكةِ "الإنترنت".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق